الأفكار لا تموت بالرصاص...ولا تحبسها جدران السجون
إن الذين يحكمون على الإخوان بالموت...لا يقرأون أو لا يرغبون في قراءة التاريخ.
في عام ١٩٦٩ كتب الباحث الأمريكي ميتشل في كتابه المشهور عن الإخوان ما مضمونه أن قادتهم ومشروعهم ربما لن يحظوا بأكثر من هامش في التاريخ وأن الجو العلماني السائد سيظل في تقدم...
ندرك نحن اليوم أن هذا هراء، تماما كما ندرك أن تعليق البعض، بل أحلام البعض، بأن الإخوان هزموا بسسب إنقلاب ٢٠١٣ هو نوع من الهراء أيضا.
الذي يجمع بين الحكمين و الحالتين هو:
أنه في كلا الحالتين كان غياب الإخوان من الساحة تغييبا بواسطة العنف والقهر و ليس فشلا فكريا للمشروع.
هكذا كان الحال في ١٩٦٩ حين كانوا في سجون عبد الناصر يعذبون ظلما. وكذا الحال اليوم وهم يعذبون في سجون السيسي ظلما.
الفرق الوحيد أنهم برهنوا بواسطة الإنتخاب حضورا أكثر من مرة، وغيابا في انتخابات اليومين الماضيين، أنهم الطليعة التي تواجه الطغيان في بلاد العرب، والطغيان في بلاد العرب صناعة غربية. أي أن الإخوان هم الواجهة الرئيسية في هذا الصراع.
نعم يخطئون، نعم يصيبون، نعم يحزنون، لكنهم كما هو واضح وكما يُرغم كل منصف على القول غير متضعضعين.
لو كان مشروع الإخوان الفكري خوى، لكان انتهى. لكن الأفكار لا تموت بالرصاص، ولا تحبسها جدران السجون.
فحتى لو تخلى الإخوان عن مشروعهم، ضعفا، أو تعبا، أو قتلا، لتلقفه إخوان آخرون. إنه مسيرة أمة تلتمس طريقها إلى النور.
في ١٩٤٩ عندما إغتيل حسن البنا، كان وحيدا، وكان يتمنى أن يدخل السجن ليلتقي أصحابه. مات البنا و بقي الفكر.
لم يبق الفكر لأن البنا شخصية عظيمة، وهو بالفعل شخصية فذة، تتقد ذكاء، وتنضح حكمة، وتشع طاقة. بقي الفكر وكثر رجاله وطلابه، لأنه مشروع أمة.
في أواخر ١٩٥٥ كان عبد الناصر يسخر من الإخوان ومن مرشدهم كحكواتي أمام جمع جمعه حب المال وعبادة أربابه، جمع جمعه الجبن و الدياثة، كان عبد الناصر يومها أكثر جمعا، وأكثر مالا، وأكثر جاها، وكان الإخوان في السجن.
طبعا خرج المسجونون، مرفوعي الرؤوس، بعزيمة لم تشب في السجون، و لم تهض من التعذيب. طبعا غيروا المقاربة، طبعا راجعوا التكتيك لكن بقيت الإستراتيجية و الهدف واضحان، صلب إزائهما عود الجماعة، متروكة من أجلهما المصالح، مبذولة لهما المهج.
إن مستقبل المجتمعات العربية رهين بأحد أمرين، أن يحتكموا إلى العقل و المنطق و الإقتراع أو يقتتلوا ويتفانوا.
في الأولى، نجح الإخوان
في الثانية، إن قرروا أن يرفعوا السلاح لن يكونوا أضعف ناصرا ولا أقل عددا.
تعليقات
إرسال تعليق