مغالطات
بين الفينة و الأخرى يعرض البعض مقارنات بين غير المسلمين و المسلمين ثم يعرض صورة لكافر ويقول كيف يذهب هذا إلى الجحيم وهو متصدق، إنساني، متحبب إلى الناس.
١
هذا سؤال وجيه. لكنه سؤال مفروغ منه عند المؤمنين فقد أجاب عليه الشرع و لن آتي بجديد في هذا لكن لا بأس بتكرار الجواب هنا لمن نسي أو أصابه سهو أو شغلته زحمة الحياة عن محكم آي الكتاب.
يقول الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
فمن أعرض عن آي الله فقد خسر خسرانا مبينا...
٢
و الإهتمام و الإعجاب بهذا النوع من الناس، منهي عنه. قال تعالى:
فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ
ويقول جل من قائل:
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
يقول الطبري في تفسير هذه الآية...
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تنظر إلى ما جعلنا لضرباء هؤلاء المعرضين عن آيات ربهم وأشكالهم، متعة في حياتهم الدنيا، يتمتعون بها، من زهرة عاجل الدنيا ونضرتها( لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ) يقول: لنختبرهم فيما متعناهم به من ذلك، ونبتليهم، فإن ذلك فانٍ زائل، وغُرور وخدع تضمحلّ( وَرِزْقُ رَبِّكَ ) الذي وعدك أن يرزقكه في الآخرة حتى ترضى، وهو ثوابه إياه (خَيْرٌ) لك مما متعناهم به من زهرة الحياة الدنيا(وأبْقَى) يقول: وأدوم، لأنه لا انقطاع له ولا نفاد، وذكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهوديّ يستسلف منه طعاما، فأبى أن يسلفه إلا برهن.
٣
وليس في هذا أي جور ولا ظلم لهؤلاء فلا يظلم ربك احدا. فالله أرسل رسله إلى الناس مبينا طرق الخير فمن إختار غير دينه فليس لله حاجة في صدقاته ولا زكواته ولا غزواته. فهي صدقات يباهي بها في الدنيا، وغزوات يختال بها في الدنيا، و سمعة يحصدها غير منقوص، و استثمار يثمر في الدنيا فيستوفي منه حصاده وليس له في الآخرة إلا النار.
يقول تعالى:
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ( 15 ) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
وقد إنتشر الإسلام اليوم في كل بقاع الأرض وصار على بعد كبسة زر فمن أستغنى و ملأ العالم سمعة وشهرة ومالا وجاها ثم لم يأخذ لنفسه دقائق ليتعلم و يتعرف على طريق الحق فلن ينفعه يوم القيامة أن جاء بملئ الأرض ذهبا ودولارا.
فالله الغني لاحاجة له إلى فتات على كوكب صغير خلقه من مخلوق صغير خلقه حجمه من خلقه كحجم الذرة من المجرة أو أصغر، تكبر عن أن يعترف بأنه الخالق، وأعرض عن الذكر الذي أنزل وأنف أن يسجد له.
فهل مباهاته برزق رزقه إياه، أو جاه قدره له، أو مظهر خلقه به، تنفع بعد هذا التكبر؟؟؟
فمن كان ينشر هذا جهلا فليتعلم ومن كان ينشره معارضا آي الكتاب فليتب قبل أن ياتي يوم لا بيع فيه ولا خلال...
إن أول من يدرك خسرانه هو هؤلاء الكفار. بل لن يعترفوا بخسارتهم فحسب بل سيعترفون بحماقتهم لأن عقولهم أزاغتهم بعد ان أزاعوها، وأرتابت بعد أن أرتابوها، وعميت بعد أن أعرضوا بها عن نور الله.
يقول تعالى:
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ.
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية:
وقالوا لو كنا نسمع من النذر - يعني الرسل - ما جاءوا به
أو نعقل عنهم . قال ابن عباس : لو كنا نسمع الهدى أو نعقله ، أو لو كنا نسمع سماع من يعي ويفكر ، أو نعقل عقل من يميز وينظر . ودل هذا على أن الكافر لم يعط من العقل شيئا . وقد مضى في " الطور " بيانه والحمد لله .
ويشير القرطبي هنا إلى تفسيره قول الله تعالى:
أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون
حيث يقول
قوله تعالى : أفسحر هذا استفهام معناه التوبيخ والتقريع ; أي يقال لهم : أفسحر هذا الذي ترون الآن بأعينكم أم أنتم لا تبصرون وقيل : " أم " بمعنى بل ; أي : بل كنتم لا تبصرون في الدنيا ولا تعقلون
أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون
تعليقات
إرسال تعليق