أحرف عن تواصل، و الحملة، و النخب، و الثورة: كلمات على الفيس بوك
إتخذ حزب تواصل قرارا سياسيا بالمشاركة في الإنتخابات، خارجا بذلك عن "إجماع" المعارضة و التوجه العام عند أغلبية الشباب "الثوري". في الأغلب ستحصل الإنتخابات و في الأغلب أيضا سيعود البلد لما كان عليه. رئيس يتصرف بأحادية و نخب تتحد في تمسكها بداء الوطنية الخطابية، وتختلف في الممارسات والمقاربات الفكرية لها.
سيكون تواصل قد خاض تجربة بسليمها و سقيمها، بنتائجها المباشرة و الطويلة. سيكون قد أتعب الكثير من أنصاره في الدفاع عنه، و الكثير من خصومه في أصطياد هفواته، و سيكون قد ساهم في تشريع إنتخابات النظام، وفي سبر أغوار كتلته الناخبة من غير النخب. سيثبّت قدما في عالم الأمر الواقع، و يبقى الباب مفتوحا أمام شبابه لممارسة الأحلام الجماعية مع نخب المجتمع.
سنتعرف بمشاركة تواصل على ما خفي من عقليات النظام، على هوامش المناورة عنده و على مواطن ضعفه وقوته
سيشارك المقاطعون في الحملة بالسباب و السخرية من المشاركين، ومن سب حزب قوم سبوا حزبه.
بعد الإنتخابات أو بعيدا عنها وفي مكان ما من دفتر التاريخ يقف عسكري موريتاني في إنتظار نزوة أخرى، ستكون النخب المتعلمة أول من يصفق لها، أول من يبررها. سيكون شخصية فذة في فترة وسيكون دكتاتورا في وقت لا حق. سيكون معه أناس من النخبة و سيكون ضده آخره. و سيتناحر الطرفان على ذلك الأساس
بعض نخب البلاد تؤمن بالنخبوية، ولذلك فقيمة الإنسان إنتمائه للنخبة، سواء أكان صدوقا أم كذوبا أم مخلصا أم عاملا. و النخبوية في الأساس هي التظاهر بالتعلم، بإختلاق الألقاب أو السعي نحو الغموض. كلمات من لغة النصارى من الإنجليز أو من غيرهم قمينة بأن تدخل المرأ أراد أو أبى ذلك العالم. في موريتانيا على الأقل، نوع من إحترام النخب لبعضها البعض، على خلاف التناحر الموجود في مجتمعات أخرى. هذا يعكس إيجابيات ويخفي ربما سلبيات
الحقائق عندنا لا تزال مرتبطة بلغة الخطاب، فمن أمعن في سب الآخرين و السخرية منهم لا شك سيحجز موقعا متقدما في صفوف النخبة
طبعا لا تجد محاولة جريئة لقراءة أبعاد خطاب معين و لا محاولة محاورته بأسلوب متجرد
محاولات القراءة تنطلق من موقف معاد بل متفه. عالم النخبة يحتاج بشكل مستمر إلى أن يسخر بعض أفراده من ضحالة فكر الآخرين، لأن عظمة المرأ في عالم النخب مبنية على تقزيم الآخرين...
في عالم النخب المحلية نقرأ ما يكتب عادة، لكننا لا نهتم بما يحصل عمليا في أرض الواقع. ولذلك فالجماعات العاملة جماعات غير موجودة. بينما خمس صفحات من المبالغات أو من التهكم تأخذ حيزا كبيرا في واقعنا و في إفتراضنا
عودة إلى تواصل مشوار تواصل في الحملة. سيكثر السباب على تواصل، و سيدافع عنه البعض بالحق و الباطل--ففي السياسية كما يرسمها الناس اليوم تختفي أخلاق الإسلام، من سعي إلى إظهار الحق
ومن إلتزام بالآداب، و الأخلاق، أي في الغالب كي لا نظلم القلة القليلة التي تلتزم بهذه المعايير في أوقات الغفلة
لكن المهم أن تواصل لن يجد نفسه مضطرا إلى الإجابة على سؤال سيظل غائبا: هو ما هو البديل الإيجابي (ما هو الفعل الإيجابي) الذي يرفض تواصل المشاركة فيه أو الذي يعيقه تواصل بمشاركته في إنتخابات حكومة الجنرال عزيز وحماتها الفرنسيين؟ هل ثمة فعلا إتجاه عملي و فكري واضح للبحث عن إستقلالية في القرار السياسي الموريتاني بعيدا عن مجرد الحديث عن من سيكون داخل أو خارج دهاليز الإدارة؟ وما هي المقاربات و الطرق التي سينتهجها الفاعلون السياسيون لكي يترجموها إلى أرض الواقع؟
أعتقد أن ما تحتاجه العقول الباحثة عن التغيير هو تغيير النظرة للتغيير. إن التغيير الذي يغيّر هو تغيير لا يؤمن بالقواعد التي نصبت عليها المسلمات الإدارية. هل السعي فقط هو إلى تغيير الإدارة أم إلى خلق الإرادة و إلى السعي إلى ترجمتها على الواقع، وما هو الثمن الذي يستعد هؤلاء إلى دفعه، وما هي القواسم المشتركة التي يرضى هؤلاء بدون رياء أو مجاملة أو خداع التوافق عليها؟
هنا مربط الفرس. وهنا أيضا أساس المشكلة. لا ممناعة في تقليد الآخرين، و إستنساخ الجميل أو حتى القميئ من أفكارهم، لكن من المهم أن تكون لنا رؤيتنا الخاصة للتغيير. لنفترض أن تغيير الحياة في موريتانيا غير مرتبط بتغييرها في أي بقعة أخرى من العالم. لم لا نجرب تلك الفكرة حتى وإن كانت خاطئة و لو على الأقل مرة في العمر. فليثر العالم أو ليخنع، لا يهم. لتكن ثورتنا نتيجة حوار بين واقعنا و أحلامنا، لامحاولة إستنبات أفكار ومقاربات الآخرين.
طبعا أنا لست ممن يؤمن بالوطنية و لا بالفضاءات الضيقة، و لا بحصار الأفكار أو حتى بجنسياتها، لكني مقتنع بجدوائية العمل حسب ما تقتضيه الظروف و تمليه معطيات الواقع في أي بقعة.
ما هي الظروف و ما هو الممكن، وما هو الهدف وكيف يتم التغيير و كم من الوقت يكفي؟ أسئلة يجب أن تطرح سواء من شارك في الحملة بالمشاركة أو من شارك فيها بالمقاطعة
تعليقات
إرسال تعليق