اعتذار عن فتوى
"سؤال من أحد الإخوة. "يا أيها الرجل نريد منك فتوى في داعش
الجواب
بسم الله وبه التوفيق
و الله لقد أضللت الطريق، وحدت عن الصراط يارفيق
لست أهلا للفتوى.
فأغلب ما قرات كان من الشعر، وكنت في ذلك عاصيا ومخالفا لأمر الجدة رحمها الله التي طالما ذكرتني بالقول المشهور و الحكم المأثور
"لإن يمتلأ بطن أحدكم قيحا خير له من أن يمتلأ شعرا"
لكن من طبيعة الأطفال و المراهقين عصيان الناصحين وإتباع الهوى.
ولم أكن حينها قد قرأت
"وعاص الهوى المردي فكم من محلق إلى النجم لما أن أطاع الهوى هوى"
وكان أغلب ما قرأت من الشعر على مذهب الإمام عمر بن ربيعة، وإن كانت راقت لي زمانا خمريات أبي نواس وشعوبيات بشار بن برد و غيره.
ولم أجد فيما قرأت من الأحكام بخصوص الجهاد وأموره إلا شذرات قليلة لا يعتد بها في الأحكام الشرعية كما كان من تقرير جميل بن معمر:
"وكل قتيل بينهن شهيد"
وهو مذهب لم يأخذ به إلا المتغزلة من المسلمين. سواء كانوا معتزلة أو أشاعرة، أو غير ذلك من طوائف أهل الإسلام.
ثم قرأت في ذلك الباب تذمر أحدهم حين يقول:
"كتب القتل و القتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول "
وفي هذا معارضة لحقوق المرأة لا يخفى على ذي قلب.
ولذلك أبرأ منه، مع أنه قد لا يكون أسوأ ما ورد في النساء من كلام رجال العرب و العجم.
وقد حصل مع تقلب الزمن ومره أن صار رجال العرب اليوم إلى ما صرت إليه غواني الأمس.
فجرهم للذيول وصبغهم للحواجب ومضغهم للكلام على شاكلة نساء الحضر أمر معلوم ومسألة شائعة، وفيهم من يدخل الحمام ويخرج منه صقيل العراقيب، تماما كالنساء اللاتي تحدث عنهن أبو الطيب المتنبي.
وكثير من رجال العرب اليوم يخدش النسيم وجوههم فلله الحمد وله المنة، على أن حصل التساوي في الدعة.
ويعامل اليهود في الأغلب رجال المسلمين معاملة النساء إلا من شذ منهم. وهم في ذلك لا يسلمون لا من رجال اليهود و النصارى ولا حتى من رجال المسليمن و نسائهم.
ومما قرأت قصائد عجيبة في الشجاعة للخوارج ولا يعتد بكلامهم، وخطبا لعلي بن أبي طالب في الحماسة و الشجاعة، لكن ومن كعلي رضي الله عنه فلا يحكم بما عاش رجال لرجال آخرين. بل إن عليا رأى في رجاله ميلا للدعة و شبها بربات الخدور
يعتذرون بحر الصيف وبرد الشتاء عن السير في سبيل الله
"فإذا أمرتكم بالسير إليهم في الصيف قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا ينسلخ عنّا الحر. وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة البرد أمهلنا ينسلخ عنّا البرد. كل هذا فرارا من البرد و الحر أنتم و الله من السيف أفر.
فكيف لو رأى تمايل رجال اليوم. فما أراه إلا ترك الكلام و الفتوى، وأشاح عن الخطابة و التحريض.
ومع أن التحريض ونحن قد ذكرناه ورد في القرآن على صيغة الأمر و المدح إلا أنك تعرف معناه في زماننا هذا. فكل محرض مذموم.
فحاصل الأمر وخلاصة الحديث أنك أخطأت يا رفيق. فما على الخبير بها سقطت ولا على ابن بجدتها حطت...فما يجوز لي أن أفتي ولم أعرف إلا شذرات من شعر العرب، كانت في الماضي نفائس تحفظها قلوب بعض الحفاظ وهي اليوم مرمية على غوغل لكل من هب ودب، حتى ممن لم يتعلم بعد مخارج الحروف. فسبحان مقلب الأحوال.
وقد أنستني الغربية وطول النوى بعضها. وصرت اليوم بين قوم يصدق علي وعليهم قول القائل.
وأنزلني طول النوى دار غربة يجاورني من ليس مثلي يشاكله
أحامقه حتى يقال سجية ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله.
تعليقات
إرسال تعليق