selected translation from: Constructive Critics, Hadith Literature, and the Articulation of Sunni Islam: The Legacy of the Generation of Ibn Sa'd, Ibn Ma'in, and Ibn Hanbal


 مقتبس من ترجمتنا لكتاب  الدكتور سكات لوكس المعنون
Constructive Critics, Hadith Literature, and the Articulation of Sunni Islam: The Legacy of the Generation of Ibn Sa'd, Ibn Ma'in, and Ibn Hanbal
المقدمة

إن الغرض من هذا الكتاب هو إيضاح الدور المتميز الذي لعبه علماء الحديث في وضع أسس المذهب السني خلال النصف الأول من القرن الثالث الهجري\التاسع الميلادي. فعلى الرغم من أن الكتابين الأكثر تبجيلا من بين كتب السنة بعد القرآن، صحيح محمد بن إسماعيل البخاري و صحيح مسلم بن الحجاج، هما من أمهات كتب الحديث، فإن عطاءات علماء الحديث تجوهلت بشكل كبير من طرف الأكادميين الأمريكيين و الأوروبيين خلال القرن الماضي. إن جوهر فنون تدوين وتمحيص الحديث بالنسبة للسنة بقي غير مطروق من طرف الباحثين، وهو ما يعود جزئيا—ربما—إلى تقرير المستشرق الألماني إغناز غولدزيهر منذ أمد بعيد  أن"علوم السنن خرجت عن طور المفيد مع ظهور أمهات كتبها الأولى."
إن هذه الدراسة لا تتفادى هذا التجاهل للحديث فحسب بل تذهب أبعد من ذلك وتزعم أن مبادئ المذهب السني  عبرت عنها بوتقة من جهابذة علماء الحديث في الفترة التي سبقت تصنيف صحيحي البخاري و مسلم.
المقاربات الثيولوجية و القانونية التقليدية للمذهب السني
إن المصادر الإسلامية الأساسية التي درسها و إعتمد عليها العلماء في محاولاتهم لكشف خفايا المرحلة التاريخية المبكرة لتطور الإسلام السني تكاد تكون وبشكل حصري ذات طبيعة لاهوتية أو قانونية. فمونت غومري وات، وفضل الرحمن، و جوزف فان أس يمثلون ثلاثة من الباحثين البارزين الذي تبنوا المقاربة اللاهوتية. فوات مثلا يعترف بأن مصادره الرئسية هي الأعمال الأساسية لعلماء الطوائف الإسلامية، ويقسم مراحل نمو الفكر الإسلامي إلى ثلاثة سماها "البدايات" (632-750 ميلادية)، و"قرن الصراع" (750-850 ميلادية)، و "غلبة المذهب السني" (850-945). وكتاب وات يقدم عرضا دقيقا للطوائف الرئيسية الأربعة للمسلمين في العصر الأموي (الخوارج، القدرية، المرجئة، و الشيعة)، ويتعقب تحولاتها من المرحلة "العباسية إلى طوائف السنة و الشيعة و المعتزلة العديدة". إن وات يعتمد بشكل كبير في نقاشه لتشكل المذهب السني على كتب المرجئة القديمة وكتب أبي الحسن الأشعري (ت 324\935-6).  فهو يذهب إلى أن "بداية القرن العاشر هي التي شهدت الجزء الأهم من مسيرة الإستقطاب داخل الإسلام إلى كتلة سنية وأخرى شيعية." و لم يحظ علماء الحيث  في كتاب وات إلا بذكر مقتضب في خمس صفحات، في سياق رواية تعطي وزنا مفرطا للأعمال الثيولوجية القليلة وتتجاهل كتب الحديث و البروزوبوغرافيا الرئيسية التي كتبت خلال القرن الثالث\التاسع.
ثم إن كتاب فضل الرحمن الذي نشر مؤخرا بعد وفاته يعتبر أوضح عرض لما يسميه "تشكل المذهب السني."
ويتضح  دور علم الإلاهيات في ذهابه إلى أن "التطورات داخل المذهب السني يمكن النظر إليها على أنها نتاج مسار بدأ  كردة فعل مباشرة ضد المعتزلة، و لحد ما ضد الشيعة." وقد إقد إقتبس فضل الرحمن بشكل مطول تفسير الشهرستاني للإرجاء في هذا الفصل، ويرى فضل الرحمن أن خاصية الإيمان بالجبر عند المرجئة عنصر أساس في مرحلة التكوين الأولى للفكر السني، فيما جلب الأشعري المرحلة الثانية من التكوين السني. و يرى فضل الرحمن أن أكبر سيئات الأشعري هو كونه "أختط موقفه المتطرف برفضه فكرة قدرة البشر على التصرف بشكل مطلق، فضلا عن أن يكونوا أحرارا في فعل ذلك."
والفصل الثاني من كتاب فضل الرحمن يتتبع تأثير "عقلية الإرجاء" على فكر السنة المسلمين خلال القرون التي أعقبت الأشعري، وهي فترة تميزت بالضعف السياسي و السلبية المحضة عبر فكر الهروب الصوفي. وقد حظي علم الحديث ونقده في هذا الإطار بالذكر فقط بسبب تأثيره السلبي عبر توفيره للأحاديث الموضوعة التي تعضد فكر المرجئة و رواد السنة في صراعهم ضد فكرة حرية الإخيار عند القدريين و المعتزلة. وعلى الرغم أن أفكار المرجئة و المفكر الكبير أبا الحسن الأشعري قد لعبت بالفعل دورا في التعبير عن الفكر السني، فإن هذين الكتابين (لوات وفضل الرحمن) كان ينبغي أن يوضحا محدودية  مستوى فهم تطور المذهب السني الذي يمكن أن يُستخلص فقط من دراسة العدد المحدود من الأعمال الإكلاسيكية الإسلامية التي ركزت على مسألة الإنقسام الطائفي و الخلاف اللاهوتي.
ولقد وقع فان أس في غلط مشابه إذ خلط عملُه المتميز بين المقاربة اللاهوتية و ما يمكن وصفه بالمقاربة البروزوبوغرافية للفترة الأولى من تطور الإسلام. فطريقة بحثه الأساسية عبارة عن إحصاء جميع المعلومات البيوغرافية لكل شخصية معروفة بإنتمائها لفريق معين في المراجع الإسلامية. ولذلك نجد في كتابه قائمة وافية بأسماء المرجئة و القدرية، و بالطبع، المتعتزلة، و أي معلومات تتعلق بالإعتقادات الأخرى التي إستطاع فان أس أن يستخرجها. وقد لاحظ محمد زمان أن طريقة البحث هذه تنطوي على جانب سلبي  مؤسف يتمثل في تجاهل العلاقة المهمة بين الخلفاء العباسيين و رواد المذهب السني في القرن الثالث الهجري.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تم كذلك تجاهل علماء الحديث بشكل عام، ربما لكون الغالبية العظمى منهم لم تكن تنتمي إلى طائفة معينة. و بالفعل فإنه من الغريب أن يتم التعريف بعالم الحديث والفقيه الكوفي البارز سفيان الثوري بوصفه جزئا من "التيارات المناهضة للمعتزلة"، وتقديم علماء الحديث البصرين المعتبرين  أيوب السختياني، سليمان التيمي، وعبد الله بن عون بوصفهم من "المعارضين الألداء لعمرو بن عبيد." في حين أن شخصياتهم و مشاركتهم في التراث الحضاري الإسلامي ربما لا علاقة لها بمعارضتهم لمجموعة الفرق  و الشخصيات هذه في هذا الوقت المبكر. ورغم أن فان أس قدم خدمة جليلة في جرده لأكثر القوائم شمولية لرجال المرجئة و القدرية في القرنين الأولين من التاريخ الإسلامي، فإن ذلك جر إلى تجاهل الفنون المبدعة في تصنيف الحديث ونقده، والتي عرفت مرحلة من النضج في ظل إزدهار الفكر المعتزلي  في فترة المحنة. وهذا فن قام ممارسوه، في رأي، بالتعبير عن المبادئ الرئسية للمذهب السني.
وتعتمد المقاربة الرئيسية الثانية في فهمها للتطور التاريخي للإسلام على ظهور المدارس الفقهية (أو المذاهب). وأكثر الكتب تأثيرا في هذا الصدد هو كتاب جوزف شاخت "بدايات الفقه المحمدي(الإسلامي)". ويكاد يرتكز هذا الكتاب بشكل حصري على قرائة ذكية لأحدى عشر كتابا في الفقه للإمام محمد بن إدرسي الشافعي (ت 204\820)، وموطأ الإمام مالك بن أنس (ت 179\795)  و العديد من كتب محمد بن الحسن الشيباني(ت 189\805) في الفقه. وتتكون الصورة الأساسية التي يقدمها شاخت للتطور التاريخي للفقه الإسلامي من مرحلة إبتدائية ظهرت بها "مدارس تقلدية" في المدينة و العراق، وسوريا تأثرت كلها بشكل عميق ب" الممارسات الأموية"، تلاها تحول جذري تمثل في التنظير الفقهي للشافعي، بولادة ما يعرف اليوم بالمذاهب أو المدارس الفقهية السنية الأربعة. وقد تم تقبل هذا التقسيم التاريخي بشكل واسع في أوساط الأكادميين المعاصرين، كشخصيات من أمثال مارشال هدجون، مع أن مارشل أشار بألمعية في الهامش إلى "أن شاخت ربما يكون قد بالغ في دور الشافعي في هذا المضمار." و بالإضافة إلى هذا فإن كل من هرالد موتزكي و جون بورتون قد رأيا أنه لاتوجد أدلة لدعم تصور شاخت بأن"الممارسات الأموية" قد أثرت على التطور التاريخي للفقه الإسلامي.  ورغم أن هذا المخطط التارخي الأساسي لتطور المدارس الإسلامية يتبع في معظم جوانبه الخطوط العريضة التي رسمها العلماء المسلمون، من أمثال أبي إسحاق الشيرازي (476\1083)، فإن شاخت استقطب قدرا كبيرا من الإهتمام بسب آرائه المتشددة بخصوص الحديث. ونيجة لمحورية الحديث في هذا العمل، فإنه من الضروري مناقشة آراء شاخت وإن بشيئ من الإقتضاب.
فشاخت، الذي تأثر بشكل كبير بعمل المستشرق إغناز غولدزهير، يقرر في كتابه "مبادء الفقه المحمدي" أن
         الكثير من الأحاديث قد تم تداولها في المرحلة التي أعقبت الشافعي*
  وأن قدرا معتبرا من أحاديث الرسول قد رأت النور في منتصف القرن الثاني* 
  وأن سلاسل أسانيد الأحاديث تظهر ميلا نحو النمو العكسي، وزيادة في قوة الأسناد في صعودها حتى تصل إلى النبي.*
  وأن الأدلة المستقاة من الحديدث تعطي تصورا فقط لما بعد القرن الهجري الأول.*
ورغم أن العديد من الباحثين شكك في هذه النقاط الرئسية  بل وحاول إظهار بطلانها، فإنه من الأجدر بنا في هذا السياق كشف السبب الكامن وراء وصول شاخت لهذه الخلاصات المتشددة. إن خطأ شاخت الاكبر، في رأي، يكمن في المصادر التي إختار الإعتماد عليها، وفي فهمه لعلم الحديث. ففي حين أنه من المنطقي الإعتماد على الكتب الفقهية لمجموعة قليلة من العلماء البارزين لفهم أسلوب منطق التفكير الفقهي الفردي لهؤلاء، فإنه من الخطأ الفادح أن يتجاهل المرأ تجاهلا باتا الأدلة الموجودة في مجاميع الحديث التي ألفت في الفترة التي سبقت أو عاصرت هؤلاء الفقهاء. أذ كيف يعقل أن يختلق جيل أو جيلان من العلماء عشرات آلاف الأحاديث في الفترة الفاصلة بين حياة الشافعي (ت 819) و إبن حنبل(ت 855) .    
إن الطريقة التي يمكن من خلالها تجاهل هذا السؤال هي أن يغمض المرأ عينيه عن مسند هذا الأخير الذي جمع 30000 حديث، و التركيز بدل ذلك على كتب علماء لا يحسبون إلا نادرا في قوائم مؤلفي الحديث و نقاده. وبالفعل فإن بناء نظرية حول ماهية الحديث على أساس كتب قليلة لم تعتبر في يوم من الأيام جزءا من علم الحديث، تبدوا مقاربة خطرة على الأقل، و خللا منهجيا في أسوأ الأحوال.
فحتى لو إعتبر شاخت أن كل الأحاديث في مجاميع الحديث الكلاسيكية محل ريبة، فإن ثمة فنا آخر—يدخل في صميم بحثنا هذا—كان حريا به أن يدرسه بشكل أكثر تمعنا قبل الوصول إلى الخلاصات المتشددة هذه. وهذا الفن هو علم الطبقات، وهو عبارة عن مؤلفات ضخمة تحتوي على إدراجات تعريفية مختصرة للآلاف من العلماء في فنون نقل الحديث، و الفقه، و الشعر، و علوم وصناعات أخرى. إن أقدم كتب طبقات علماء الشرع هو كتاب الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد (ت 230\845)، أحد المعاصرين الصغار للفقيه الشافعي، الذي ركز عليه شاخت في تكوين نظرياته. تشتمل طبقات بن  سعد على توثيق تاريخي دقيق للآلاف من رواة الحديث رتبت ترتيبا زمنيا وجغرافيا في آن معا.   والوحدة الزمنية في هذا الكتاب تسمى الطبقة، أو الجيل. ويرتب إبن سعد العلماء ترتيبا زمنيا عكسيا تبعا للمدن أو الأمصار التي عاشوا فيه جيلا، جيلا حتى يصل إلى الجيل الأول من المسلمين، أو جيل الصحابة. وعليه يتعين على المرأ أن يعتبر أن كل هذه المجلدات فبركة لا أكثر كي يصدق أطروحات شاخت. ورغم أن شاخت يشير في مصادره إلى نسخة ليدن من كتاب إبن سعد فمن الواضح أنه رفض معظم ما جاء فيه عندما كون نظرياته بخصوص نقل الحديث.
وخطأ شاخت المعتبر الثالث، بعد رفض كل الدلائل الواردة في كتب الحديث و الطبقات المبكرة، هو إعتماده في نظريته على قدر ضئيل من أحاديث الأحكام. فقائمة "مشاكل أحاديث الأحكام" الوارة في نهاية "بدايات الفقه المحمدي" تظهر ميل شاخت لإختيار المسائل المتعلقة بالفروض، و البيوع، والحدود، وعدم إهتمامه بالأحكام المتعلقة بالمسائل التعبدية كالصلاة و الصيام مثلا. و بالفعل فإن هذه الحقيقة ليست مفاجئة، فنظرة عابرة على محتوى الجامع الصغير أو الجامع الكبير، المنسوبين لمصدره الرئيس، الشيباني، تظهر القليل من الإهتمام بالمسائل المتعلقة بالأمور التعبدية، وتركيزا على الأحكام التجارية و الجزائية.  وأخيرا، فحقيقة كون قدر معتبر من الأحاديث لا علاقة له بمسائل التشريع توجب على الباحثين تجاوز العدد القليل من الكتب التي ألفها الفقهاء البارزون قبل الوصول إلى نظريات كبيرة بخصوص علم الحديث.
وبناءا على ما سبق، فإ أن أهيمة إختيار المراجع  الصحيحة لبحث مرحلة تكون الفكر السني في القرن الثالث\التاسع يجب أن تكون جلية الآن.  وينبغي أن يكون من الواضح  أن الأعمال الثيولوجية و الفقهية القصيرة نسبيا، و التي تم الإعتماد عليها فيما سبق لتسليط الضوء على تطور الإسلام في القرون الأولى، غير كافية للقيام بهذه المهمة. فكتب وات، فضل الرحمن، و شاخت، و حتى هدجون تترك لدينا الإنطباع الخاطئ بأن ظهور المذهب السني يرجع فيه الفضل إلى عالمين إثنين هما الأشعري و الشافعي، وأن قلة من الفقهاء الآخرين مثل مالك بن أنس، محمد بن الحسن الشيباني، و القاضي أبو يوسف وأبن حنبل لعبوا دور إسناد معتبر. أما فان أس، ورغم وصفه الدقيق لمئات الأشخاص، فإنه يفضل إعطاء الفضل في ظهور هذا المذهب للمناخ الأكاديمي الذي ساد في مدينة بغداد، بدل أن يعطي ذلك لحلقة معينة من العلماء. ولهذا فإنه من المهم الرجوع إلى علم الحديث و العلوم المتفرعة عنه لكسر هيمنة المقاربات الفقهية و الثيولوجية في تفسير التشكل المبكر للمذهب السني.
تتكون أدبيات الحديث السنية من ثلاثة أصناف رئيسية: مصنفات الحديث، كتب طبقات رواة الحديث، وما يعرف بكتب علوم الحديث. ويناقش محمد صديقي بشكل مختصر 16 كتابا أساسيا من مجاميع الحديث، وستة من كتب الطبقات في مجال الحديث. ويندرج في هذه اللائحة موطأ الإمام مالك بن أنس، ومسند أحمد بن حنبل، وكتاب الطبقات الكبير لإبن سعد. ويشير صديقي كذلك إلى ثلاث مصنفات ظهرت في وقت مبكر جمعها الطيالسي (ت 203\819)، و عبد الرزاق الصنعائي (ت 211\ 826) وإبن أبي شيبه (ت 235\849). وقد برزت واحدة منها فقط كموضوع كتاب لأحد الباحثين الغربيين. وبالفعل فإن أيا من أمهات كتب الحديث الستة التي أشار إليها لم تحظ بدراسة متأنية في الغرب. ولذلك فإن أحد أهداف هذا الكتاب هي تسهيل دراسة هذه النصوص الإسلامية المهمة، وتقديم مقاربة فكرية و عملانية جديدة لدراسة هذا الأدب الواسع غير المطروق وغير المفهوم بالنسبة للباحثين الغربيين.
ومن المهم أن نتطرق ولو بشيئ من الإختصار لأكثر الدراسات الغربية  التي تناولت الحديث تأثيرا على الأكاديمية الأروبية، لتوضيح بعض جوانب القوة و الضعف فيها. وهذه الدراسة هي عبارة عن كتاب إغناز غولدزهير ذي الفصول الثمانية، "" والذي نشر في عام 1890. ولا يزال غولدزهير يعتبر أحد مؤسسي الدراسات الإسلامية في أوروبا، وهذه الشهرة ترتكز في الأساس على رأيه بأن غالبية الأحاديث مفبركة.  وعلى خلاف شاخت فإن غولدزهير إمتلك خليطا من المعرفة المثيرة للإعجاب لجزئيات علم الحديث، وتحيزا أثر على خلاصاته.    ومن الأمثلة على معرفتة العميقة و السليمة بالحديث تتمثل في تمييزه بين الحديث و السنة، وإعترافه بأن نقد الحديث بدأ مع إبن عون، شعبة بن الحجاج، وإبن المبارك. كما يدخل في هذه الملاحظات الدقيقة كون إبن جريج وسعد بن أبي عروبة كانو من أوائل من نظموا الكتب على شكل أبواب. ومنها كذلك أن أوائل علماء الحديث لم يلقوا أي أهتمام لأبي حنيفة. بل إن غولدزهير عثر على أثر يظهر أن أبن طاهر المقدسي كان من بين أوائل العلماء الذين أضافوا سنن إبن ماجه إلى كتب السنن الستة المعتبرة.
ورغم جهده الكبير، فإن غولدزهير خلص إلى نتائج مريبة في كتابه ""، وهو ما يعود ربما لإعتقاده أن الأسلوب الطبيعي و النزيه لصياغة فقه شرعي هو الأسلوب الذي إنتهجه أصحاب الرأي، على خلاف أسلوب أهل الحديث. ولذلك فهو يقرر أن "كل رأي، و كل هوى، بل كل سنة أو بدعة بحث أصحابها وعثروا على حديث يعبر عنها، وأن "المجتمع المتدين كان دائما مستعدا وبقدر كبير من الحماس أن يؤمن بأي أمر صيغ في قالب حديث."    


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"تحليل التراث الإسلامي"

هذا الذي جعل الألباب حائرة و صير العالم النحرير زنديقا