لكي لا نكون أغبياء يجب أن نفهم إن الأروبيين و الامريكيين مدفوعون بمصالحهم. و آخر ما يهتمون به هو الديموقراطية وحرية الإنسان العربي. يقتل الإسرائيليون العرب منذ عقود و لا أحد في الغرب يهتم. إنهم يقلقون فقط عندما يكون سفاحو إسرايل في مأزق. او عندما يخدش أحدهم أو يشاك. حينها و حينها فقط يتم التدخل و يطلب من "الطرفين" عدم اللجوء إلى العنف.
علي أية حال في مصر يجب أن نفهم أنهم يستغلون الموقف ويتفاوضون مع كل الأطراف يضغطون عليها ببعضها البعض لكي يحصلوا على أكبر قدر ممكن من التنازلات من الطرفين، أو لكي يدفعوهما إلى الاحتراب.
التنازلات هي أساسا حماية إسرائيل و ضمان التبعية للمنظومة الإقتصادية و العسكرية الغربية.
بعض خطوات مرسي، كوقف إيراد القمح (ألغي مؤخرا)، و العمل على البحوث المدنية ذات التطبيق العسكري، و التفاوض من موقع المسؤولية مع البنك الدولي (وهو ما جعل البنك الدولي يراوغ لمدة عام وهو من يعطي القروض للدول الفاشلة كلما سقطت قبعة أحد رؤسائها) إحترام معاهدة السلام مع إسرائيل ولكن التعامل معها بندية (واكبته زيادة في الإنفاق العسكري الإسرائيلي)، بل و عدم التواصل معها (كلها خطوات خجولة و لكن في الإتجاه الصحيح)، هي أشياء لم تعجب الغرب. و الغرب قلق أشد القلق لأن العرب هم وحدهم الأمة التي مازالت تحت السيطرة، بسبب التخلف و الجهل المركب (التخلف التقني، و جهل يرتدي قمييص الحداثة يغسل به مثقفو العرب أدمغة عامتهم الذين مازال لديهم بعض المناعة الحضارية نتيجة بعض الممارسات الشرعية الشعائرية كالصلاة و الصيام و ذكر الله).
في مصر إن ظهرت غلبة كفة مرسي شعبيا، و هي كذلك، و شرعيا و هي كذلك و أستطاعوا أن يقنعوه ببعض التنازلات المهمة فإنهم سيقنعون الجيش التابع لهم أصلا بالتراجع. وقد أعطوا للجيش ما يكفي من الوقت لكسر العمود الفقري للإخوان و لم يكسروه.
عموما تدخل الغرب ليس مؤشرا على قرب الحل و ليس مما يجب أن يلتفت له العرب.
إن المؤلم في وأد التجربة الديموقراطية المصرية أنها كانت فرصة لكي لا يحتاج المصريون لوساطات الغرب و ضغوطه، كانت فرصة لكي يتم حسم مسائل الخلاف بالانتخاب.
كانت فرصة لكي يعمل المنتصر، لكي يحافظ على انتصاره الإنتخابي و المهزوم على مراجعة الأفكار و المقاربات و العمل في إنتظار الإنتخاب الآخر. لكن البعض لم يحل له ذلك، وللأسف فإن هذا البعض عربي اللسان، دكتاتوري الجنان، غربي الهوى، مراهق الفكر، مافوي الممارسة.
من أجل إستعادة الديموقراطية يجب أن لا تكبر في النفوس في مصر أو في غيرها التضحيات، لكن يجب أن تبقى العقول و الأذهان مفتوحة لكل مقاربة للمقاربة و الحلول الوسط ذات الطابعي المحلي، حلول تضمن عدم التبعية أو على الأقل العمل على إهاضتها، و الأهم من ذلك حلول تضمن العمل و التخلص من الظغائن التي تقود إلى تمنى فشل الخصم و العمل على إفشاله. آن للعرب أن يفهموا أن التشفي في فشل الأصدقاء، لا يساوي إنتصارا للمرأ. بل هو في الغالب فشل له. هذه عقدة كبيرة واجهت العرب لعقود ولم يتغلبوا عليها.
في حرب ٤٨ مع إسرائيل كان هم كل جيش عربي أن يقلل من إنتصارات الشركاء العرب، وكان أكثر ما يخشاه ليس أن يخسر في وجه إسرائيل و لكن أن ينتصر حليفه العربي و يذكر ذلك.
لذلك كانت إسرائل تختار من تواجه، متأكدة ان الآخرين سيجلسون في إنتظار نهاية المعركة للتشفي فيه.
إن أكبر طريق لنهضة العرب هو إتباع هدي النبي صلى الله عليه و سلم و التعلم من سيرته: الإنفتاح على الناس، التعلم منهم، الإستعداد لمواجهة الخصوم (الأعداء) وعدم تمنى لقاهم، إسناد الإخوة، عون المظلوم، التسامح (رحماء بينهم!)، الصلابة في الحق و حسن الأسلوب و المنطق في الحوار.
تعليقات
إرسال تعليق