لم لا يرتجي الإسلاميون نصرا جفرسونيا و لم ينتظرون نصرا إلاهيا؟


لم لا يرتجي الإسلاميون نصرا جفرسونيا و لم ينتظرون نصرا إلاهيا؟

++++++++++++++++++++++++++++++++++



لا يكفي الإسلاميين أنهم شاركوا في الانتخابات. لا يكفي أنهم إستطاعوا ان يقنعوا الناس بما يدعون إليه و بالتصويت كلما فتحت صناديق الإقتراع و أقيمت حملات حرة لذلك. 
لا يكفي الإسلاميين أنهم قبلوا بإلغاء برلمان كانوا فيه الغالبية، و غلّبوا الحكمة في ذلك و قالوا ما دام أمرا قضائيا فسنقبل به، حتى وإن كان ظالما.

طبعا لا كفي الإسلاميين أنهم بعد كل هذا لم يعمدوا إلى العنف عندما أختطف الرئيس الذي إنتخبوه، و ألغي الدستوري الذي أستفتي عليه و قبل باغلبية قاربت الثلثين، و حل مجلس شورى منتخب لهم. كل هذا لا يكفي لكي نعرف حقيقة أن الإسلاميين ديموقراطيون، ليس فقط لأنهم مدانون حتى يثبت العكس، و لكن لأن العكس لا يثبت، حتى ولو ثبت إلا أن يعمدوا إلا امور سنعرض لها أدناه.

طبعا لا يكفي الإسلامين كل هذا و غيره لكي يدفعوا عنهم تهمة العنف و الإرهاب. لا يكفي أنهم قبل كل ما سبق من الظلم البين لهم، عاشوا عقودا كانوا هم أكثر من زار فيها السجون، و عذب في المخافر، و تجسس عليه، و شوه. ولا يكفي أنهم بعد كل هذا قتل منهم ٤٩٨ قتيل، وجرح منهم ما ينيف على الثمانية آلاف، سيعاني أكثر من ثلاث مائة منهم من إعاقة مستديمة، ومازالوا يتظاهرون بسلمية.

دعونا نلتفت إليهم وننصحهم و الدين النصيحة.
أيها الإسلامييون:

إنكم مازلتم تعانون أمراضا ديموقراطية و سلمية مزمنة. إنكم كلما طافكم طائف من ظلم أسرعتم إلى الله و فزعتم إلى الصلاة و الصيام، و التشبث بنصر يعد الله به المؤمنين. إن صلاتكم في الساحات، ودعائكم جهرا فيها و إتكالكم على الله حده يزعج كل الديموقراطيين الحقيقيين.

لو كنتم أخفيتم صلاتكم، و صيامكم و قيامكم، و أنتبذتم بها مكانا قصيا عن أعين الناس، لكان خيرا لكم، بل لكان خيرا لغيركم أيضا،و لما رآكم و لما سمع بكم الآخرون. أليس في بيوت الله متسع؟  ثم إنه حتى الصلاة في تلك تزعج الدموقراطيين أيضا لأنهم لا يريدون فيها حديثا عن سياسة أو دنيا، فولو تجنبتهم الحديث فيها عن الدين لربما هللوا لفعلكم. أوليس الدين مسألة شخصية يحتفظ بها المرأ لغرفة نومه يطفأ الشمع، و ينزوي في ركن من أركان بيته، يبتهل سرا، كي لا يزعج الآخرين. 

إن الديموقراطية الحقة و الديموقراطيين الحقيقيين، إذا كر الله علنا، و كُبّر جهرا، وأبتهل إليه عيانا، إشمئزت قلوبهم، و ضاقت صدورهم، و جاشت نفوسهم، ومن يدعه أو يكبره جهرا فليس من الدمقراطية الحقة في شيء. 

فهلا عمدت إلى ماهو أزكي، إلى ما هو أرقى، إلى ما هو أكثر دمقرطة، هلا دعوتم غيره و من دونه، لكي تستبشر بكم عقول الدموقراطيين الحقيقيين، و تقبلكم نفوسهم، و تحنوا عليكم خواطرهم، وتهرق بمدحكم أقلامهم. 

مالكم إذا حرمكم الناس من التمتع بحق الإنتخاب، وأقصوكم ظلما و عنفا من حلبة السياسة مالكم حينها لا تزينوا خطبكم و محافلكم بالقصير و الطويل، و الغث و السمين من كلام علماء عصر الأنوار الأروبية أوما بعده من كلام مفكري أمم الأرض المتحضرة فيما وراء المحيطات، ماركسيين و لبراليين، و لبرتاريين، بل وحتى شيوعيين؟ فهلا إستشهدتم بفرانسس بكون، جون لوك وآدم سميث أو من سبقهم أو تبعم في معاجم فكر الغرب. 

ثم لم أردتم و تريدون نصرا إلهيا خارقا، لم لا تبتهلوا عوضا عن ذلك من اجل نصر جفرسوني مزلزل؟ لو كنت عمدتم لهذه فلربما حركت دمائكم المسفوجة في سبيل الديموقراطية فيه الحمية الدموقراطية و خرج من قبره يدعوا لكم و يسندكم. لم تجلعوا كل دعائكم لله؟ إنه حقا أمر مريب.

وأخيرا، لم كل هذا الضجيج، فليست المسألة في النهاية إلا خلافا سياسيا بسيطا. وإن تصرفكم و كلامكم كما لو كان ما حصل أمرا جوهريا أو محوريا في حياة الأمة، مبالغة غير مقبولة تخفي ورائها ما لا يريح العقول المتنورة.

أنكم لستم أول أمة ترى نتائج أربع إنتخابات حرة و نزيهة في عام واحد يضرب بها عرض الحائط جملة و تفصيلا، إنكم لستم أول أمة يختطف رئيسها الذي أنتخبته. إنكم لستم أول أمة يقتل رجالها و نسائها و يتهمون بقتل أنفسهم. إنكم لستم أول أمة تغلق وسائل إعلامها بتهمة التحريض و تحرض عليكم كل وسائل إعلام خصومكم. إنكم لستم أول أمة تُقتل ساجدة و راكعة و تتهم بالحرابة.

إن أجهاض حلم بديموقراطية تحترم فيها صناديق الإقتراع، ليس إلا خلافا سياسيا بسيطا، فالإنتخاب ليس كل شيئ. إن مبالغتكم في هذه المسائل و تصوريكم لها كما لو كانت حربا مصيرية، يجعل كل ديموقراطي العالم وعقوله المتحررة تنظر إليكم بريبة شديدة. 

و الأسوأ أن فعل هذا ما هو إلا عنصرية تضاهي أو تتجاوز في قمائتها عنصرية مغتصبي ثالث الحرمين، وأول القبلتين.

فهلا وعيتم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"تحليل التراث الإسلامي"

هذا الذي جعل الألباب حائرة و صير العالم النحرير زنديقا