عن رمضان البوطي، لأن الأقلام لا تزال تتعاوره


رمضان البوطي: قدم إلى ماقدم. قدم إلى رب عليم حكيم رحيم. لكنه أيضا عليم، حفيظ شيد العقاب.

ما نقوله هنا هو كلام عن رمضان البوطي العالم و الشخصية العامة و ليس الإنسان الذي قدم إلى عالم الحقائق و خرج من عالم الخلاف و الجدل. أمره إلى الله. إن رحمه فهو رب الرحمة و خالقها، وإن عذبه فهو أعلم به. و أقل ما نعرف عنه أنه خرج من الدنيا مسلما، لم يشرح بالكفر صدرا. 

رمضان البوطي كان عالما جهبذا، لا أحد يكابر في هذه. وعلى خلاف غالبية علماء موريتانيا كان يكتب و يؤلف. أي أنه كانت لديه مكتبة، هذه نادرة في موريتانيا، وكان يواكب الفكر و حراكه. 

مرض مرضا من أمراض بيئته، ولد في في جو من تجبر الولاة و إذعان الرعية، ونفاق النخب. زمن كان فيه أقصى أماني المثقفين سيارة و زوجة، هذا لمن صلحت نفسه منهم، أما غيرهم، فمن منحدر إلى منحدر، نفوس أشبعت بالثقافة، وأدمغة أرهقت بالتذلل، فأدمنت الشهوات. 

عاش زمنا العيش فيه أن تستيقظ وأن تنام. 

سقط البوطي كما سقط كثيرون عندما أعان حاكما ظالما على ضعفاء شعبه. وهذه مصيبة وقع فيها الكثير من علماء الأمة. ربما كان إجتهادا أخطأ فيه، وربما عذر فيه قبل تبين بربرية النظام، وربما لم يكن يمتلك من أمره شيئا، فمن عرف مستوى الجبن الذي أصاب أجيالا من الأمة لا يستبعد شيئا. وشديد الخوف قد يكون عذرا... حتى إن قرأنا:

قالوا كنا مستضعفين في الأرض... أولم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. 

وربما أحدث البوطي في أواخر أيامه توبة، و ربما تغير رأيه و هذا ربما ماجر لقتله.

الشماتة في قتل البوطي، عمل غير إسلامي، أي غير إنساني. إن الإنسانية و الإسلام يتقاطعان في كل شيئ إلا في تأليه البشر، سواء كان هذا بحدود التأليه الدنيا أو حدوده القصوى. في الحدود الدنيا يكون المتشابه و في القصوى يكون صريح الكفر، بل و الكبر. فما أكثر ما تتحول الإنسانية إلى كبر وكفر صراح. ليس هذا موضوعنا لكنه خروج عن الموضوع لتأطيره.


Like ·  · Promote · Share

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"تحليل التراث الإسلامي"

هذا الذي جعل الألباب حائرة و صير العالم النحرير زنديقا