ثلاثية لكصر: الحلقة ١



كانت الساعة تشير إلى الواحدة فجرا، وكانت الشوارع قد خلت من المارة، وكأن الحي الذي يعج بحركة أسراب السيارات الفارهة وقطع القمامة التي تلعب بها الريح طوال اليوم قد قرر أن يغفو. من بعيد بدا ضوء خافت، ثم بدأ يقترب. إنه هو. قال أحدهم. الكل يعرفه. و الكل يقف لكي يحييه. الكل هنا ليس سوى مجموعة من مجموعات شباب الطبقة الوسطى ممن إمتلك أهلهم ما يكفي لكي يكون لديهم ما تضيق به رؤوسهم من الوقت الفارغ، ولكن ليس القدر الكافي من الترف لكي يعيشوا المغامرات التي يحلمون بها. كانوا كذلك إلا شابا واحدا.


١


كان سيدات الإستثناء في الجماعة. لا هو مترف و لاهو إبن طبقة وسطى. كان يتيما يعيش مع أمه التي أنتقلت منذ زمن إلى الحي. سيدات يكاد لا يعرف أباه، لكنه على كل حال لا يحتاجه. أم سيدات تقوم بالواجب. أم سيدات التي تعمل في مكان ما من "الإدارة" تحرص أن يكون لسيدات ما يكفي لكي تحاكي ملابسه ملابس أبناء الحي، ولكي يمارس نفس الهوايات التي يمارسها الآخرون، لعب الكرة، معاكسة الفتيات أمام المحال التجارية، تأجير السيارات من وقت لآخر، و الاستهزاء بأبناء الطبقة الفقيرة الذين دفعهم طلب العيش إلى أطراف الحي. طبعا ككل الشباب في الحي، يمارس سيدات مهنة التظاهر بأنه طالب في الثانوية، وأحيانا يقول جملة و ينسبها إلى ديكاري (إنني أعرف شيئا واحدا هو أنني أدخن). سيدات مع ذلك يقدم نفسه بوصفه يحضر للباكلوريا الرياضية في أغلب حواراته مع الفتيات، ومع أبناء الطبقة الكادحة الذين يسخر من جهلهم. طبعا تعلم أن ينسى تلك القصة عندما يناقش أعمر، البائع المتجول للنعناع، الذي يدرس الرياضيات حقيقة لا خيالا، رغم أن أعمامه يحاولون إقناعه بالإقلاع عن تضييع وقته في التررد على الثانوية و التركيز على بيع الأوراق الخضراء. 


سيدات لم يدخل في الواقع أي حجرة دراسة منذ أن تجاوز الإبتدائية، ومع ذلك دائما يخرج إلى المدرسة بمحفظة أنيقة. لكن داخل حائط المدرسة كان سيدات و جماعة من أصحابه يتخلفون إلى ما واء الحجرات، يتدارسون آخر ما شاهدوه من الأفلام، يدخنون السجائر و يتباهون بغيابهم عن الدروس السخيفة التي يلقيها الأساتذة الوسخون، قميئي الوجوه، متخلفي العقول، غير القادرين على مواكبة الموضة و العصر، وغير ذلك من الأوصاف التي تجمعها بالنسبة لهم كلمة "إخرير." 


لم يكن سيدات راض في قرارة نفسه عن ما يفعل لكنه على كل حال مستمتع بدوره كقائد لجماعة المتخلفين و راء الحجرات. مشكلة سيدات هي أنه ينبغي عليه أن يتجاوز إلى الصف الأعلى كل عام. كان سيدات قد تعرف على مدير الدروس، الذي كانت تجمعه بسيدات هواية التدخين و التخلف وراء الحجرات لأغراض أخرى. هناك حيث لم يكن ثمة موثقون ولا شهود، قدم سيدات نفسه لمدير الدروس ذات مساء بطريقته الخاصة. بعد نهاية فترة التعارف، كان سيدات يمسح بعض الدماء التي كانت تسيل على وجه مدير الدروس، ويحتضنه كأنه يعتذر. بعد فترة صمت طويلة تعاقد الرجلان على ما ينبغي. لن يعلم أحد بما حصل و لن يرسب سيدات مهما فعل. كان سر سيدات الذي غالب نفسه لكي لا يبوح به لأقرانه. 


سيدات شديد البرور بأمه لكن نظرته لها كانت معقدة. سيدات على خلاف الجميع يعرف أن عمل والدته في "الإدارة" يقتضي تغيبه هو عن البيت في بعض المساءات. ولذلك يقضي معظم الوقت خارج البيت. في الأوقات الكثيرة التي قضاها خارج البيت، تعلم سيدات كل شيئ في الحي، و تعلم نقاط ضعف كل طرف. وتعرف أيضا على حامد، الولد المدلل لأحد أثرى أثرياء البلد، الذي أصبح بالنسبة له ثاني أكبر شريان لنفايات الطبقة الحاكمة.


٢
حامد رزق أبا ثريا، وعما أكثر ثراءا، وقلبا طيبا، و عقلا يميل إلى الخمول. الكل يحسد حامد ولكن حامد يحسد الكل. حامد تربى في البادية، لأن والده الثري كان وفيا للأصول و أراد لحامد أن يحفظ كتاب الله. قبل أن يحفظ حامد قصار السور كان أبوه قد إنتقل عن الدنيا. لكن حامد لم يكن يعي ما يعني ذلك و لم يخبره أحد بما ينبغي فعله، لذا بقي حامد في المحظرة أعواما أخرى. كان أبناء عمومته حينها ما بين مدير شركة و رئيس مشروع، أو طالب "يدرس" في الخارج. وحده حامد كان وفيا للأعماق دون أن يسبر غورها. 


فجأة بدأ ينتقل حامد من عالم الطفولة إلى عالم المراهقة ليكتشف أنه يمتلك مشاعر مختلطة تجاه شيخه و إبنة شيخه المنشغل عنه دوما إلا حين يحين وقت دفع بعض الهدايات التي يرسلها أعمام حامد له. المهم أن حامد الذي راقب مجموعات من الشباب تأتي وتختم القرآن و تذهب كان قد حفظ عشرة أحزاب من القرآن. كلما زاد عليها بواحد أنفلت واحدا منها من ذهنه. 


كان القدر يخفي لحامد ما لم يكن في حسبانه. سيتوجب عليه أن يغادر القرية إلى المدينة. الكل أصبح ينظر إليه بطريقة مغايرة. لا يدري حامد لم كل هذا الجفاء المفاجئ. نعم يعرف أن قراره بالدخول على عائشة ذلك المساء وقت غياب شيخ المحظرة، محمدو، لحضور إحدى مهرجانات الكتاب، ربما لم يكن من معتاد أخلاق الحي. لكن حامد لا يرى أن شيئا ذا بال حصل، فهو يتذكر فقط أنه دخل من الباب و أضطر أن يخرج من النافذة، وكل ذلك حصل على عجل--عائشة هي من أقنعه بالخروج من النافذة، رغم أنه أراد الخروج من الباب، فهو ليس من عشاق القفز وإن كان جسمه كان سيكون رياضيا لولا أكياس جبن البقرة الضاحكة. 


نعم يذكر أن جماعة من رجال القرية دعته إلى المسجد للحديث معه ذلك المساء، وأن أبا عائشة كان من بينهم. رمقته الأعين لمدة عشر دقائق أو أقل. بدوا مغفلين بالنسبة له، ولذا أراد أن يختار الطريقة التي يختم بها الإجتماع. 
بدأ إبن المعطل، المصطفى ولد شمراقف، الحديث:
"حامد لقد أصبحت رجلا و لله الحمد، و نعتقد أنك ربما حان الوقت لكي تستقر."


وقف حامد، كما لم يقف من قبل. وقال بسرعة و بصوت جوهري قبل أن يغالبه الضحك. "ول ذاك يوحل في إكتابو"... ضحك حامد وضرب إحدى السواري بيده و غادر المسجد إلى إحدى وكالات السفريات. 
كان يعرف وجهته. سيذهب إلى أخته أندوروهَ، لقد أرسلت إليه مؤخرا ترجوه أن يغادر المحظرة وأن يذهب إلى المدينة. في المدينة طلبت منه أخته أن يغادر إلى العاصمة و يسكن في دار عمه قريبا من مركز القرار. هناك تعرف حامد على ما يميز بين الأبناء. لكي يكون مديرا لبعض مصالح الأسرة عليه أن يتعلم لغة النصارى أولا. القرآن الذي تعلم يستخدم فقط من باب تمجيد الأسرة عندما يكون ثمة زوار: "إبننا حامد حافظ كتاب الله." في واقع الأمر لا أحد يعبأ به داخل البيت إلا إحدى العاملات التي تعييره بالنمو المضطرد لبطنه منذ أن قدم إلى المدينة.


بعد أن ضاق حامد بإمتهان أهل البيت له قرر أن يرمي بكل ما أوتي من مال وجهد لكي يتعلم لغة النصارى. سجل في إحدى المدارس و مضى شهر، بل شهران، وأسابيع من بعد ذلك لكن مستواه لم يتحسن. شعر و كأن بينه و بين أحرف تلك اللغة حاجزا. سار بين أهل سر الحرف لعامين و أشهر، أشترى كل ما أعطوه من سلوات، تبخر بالجداول، وضع الخواتم، علق التمائم لكن الفرنسية لم تزل مستعصية عليه. في رحلة البحث تعرف على سيدات الذي عرف حاجتة ووعده بأنه لن يتعلم الفرنسية فحسب، بل سيفرض إحترامه في البيت، و سيلتفت كل أبناء عمه إليه يطلبون عونه في الدخول في عالم القبول في عالم الشباب و الأزياء. 


بدل التسجيل في أي مدرسة، أقنع سيدات حامد بأن يكتفي بتعلم اللغة منطوقة منه، يجمع مفرداتها واحدة واحدة مع مرور الوقت وأن يركز على شكل هندامه. رغم العلاقة المتميزة و المبالغ المعتبرة التي يوفر حامد مقابل تلمذته لسيدات إلا أن حامد لا يزال بعيدا عن تلعم أي شيئ من اللغة رغم مرور عامين من الزمن منذ أن أجتمعا أول مرة. وحتى الجمل التي تعلم سمع من صديقة أخيه الفرنسية جاكلين أنها غير سليمة. لكن حامد لم يخسر كل شيئ فسيدات إحتال لإبن عمه المغررو مراد حتى أسقطه في فخ، ضرب فيه حتى أدمى وجهه، ثم خطط لحامد لكي يتدخل في اللحظة المناسبة ليكون من انقذ الموقف. هذا الموقف غير معادلة المعاملة في البيت، وإن لم يجعل ذلك منه مؤهلا للإدارة من قبل العم. لهذه الأشياء أخرى فهو ممتن لسيدات. 


٣
حامد كان ضمن الوقوف عندما أشرأبت أعناق الجميع للتأكد من أن القادم هو هو خونة بشحمه و لحمه و سيارة توارك الخاصة به. حامد لم يكن فرحا وإن كان تظاهر بذلك إرضاء لسيدات. حامد له أكثر من سبب لكره خونة. أولا خونة يحوز كل إهتمام سيدات. ثانيا خونة يتكلم الفرنسية بطلاقة أو على الأقل يتظاهر بذلك. ثالثا: خونة مدير دون إدارة. يتمتع بكل الصلاحيات التي تخولها الإدارة دون أن يعمل شيئا. رابعا: خونة لايزال يعيش في كنف الأب و الأم. خامسا: خونة يحبه كل الشباب. وسادسا وأخيرا خونة عندما يأتي يأخذ سيدات ومعظم شباب الحي في خرجات قد تطول أياما!

4

إنهالت عبارات الترحاب و التمجيد على خونة حالما توقفت السيارة على مسافة من الجمع: لليوه، الزعيم، لبوت، الناس لكبار، قريش، أنصارة. بتثاقل خفض خونة زجاج النافذة وبتثاقل أكثر ودون أن ينظر إلى المستقبلين طلب من سيدات أن يأتي. دخل سيدات و أغلقت السيارة. بعد ثوان أربع خرج سيدات وصاح بأعلى صوته، آمرا جماعة الصومال أن تبتعد، لأن السيارة على حد تعبيره ليست تابعة للأمم المتحدة و ليس في برنامج الليلة إطعام بطونهم الغرثى (إخليق الصومال كحزو ألهيه. نحن مان الأمم المتحدة ولاعند شي لملي أكريشاتكم ألعاطبهم الكساح الأميبي). أبتعدت الجماعة قليلا. 

عاد ثانية وأغلق الباب من خلفه. 

خيمت لحظات من الصمت على الجمع بدت كأنها عصر. فجأة قطع الخوميني الصمت. وقف وبدأ يرقص و يترنم:أوه برفت ووف ركي، سكين سووه، سكين سووه، أمبيبي سكين سووه. أمبيبي سكين سووه. نايت غود مان، سكين سووه. أمبيبه!

في تلك اللحظة تحرك حامد الذي بقي صامتا حتى أثناء مهرجان الإحتفال. تظاهر بأنه يرقص هو الآخر حتى إذا ما أقترب من وجه الخوميني أهداه صفعة قوية سقط منها على الفور. قرب جسم الخوميني الهامد وقف حامد محاضرا. "أيها الأبله من الذي أنبأك أننا في مزاج يسمح بالرقص وبالأغاني؟ أيها البدوي النذل. أزبس لمبيسيل!"

أستدار حامد إلى الجماعة وقال "إنه لم يمت، فأمثال هذا الرجل من نذال أهل البادية لا يموتون. لكن هذا درس يجب أن تتعلموه، أيها الأغبياء كي لا يعمد أحدكم إلى الرقص السخيف في هذا الوقت من الليل، مع أنني أعرف أن هذا لن يجدي نفعا فأنتم كجماعة أنديسان ترقص على البلاغات الشعبية." 

لم يكد ينهي الجملة حتى سقط. كان الخومينتي الذي إلتقط أنفاسه قبل قليل قد ركل حامد برجله في منطقة حساسة. 
وقف الخميني و كأنه يعتذر. "إنني لم أقصد أن تكون الضربة قوية. فقط أردت أن أمازحك. المهم أنك أنت الغبي. الأغنية التي غنيت للتو هي الأغنية اللتي يستمع لها خونة والتي ترتج منها سيارته، فقط أردت لكم أن تستفيدوا وأن لا تكونوا أسوأ حالا من مسترقي السمع للمخادع الحديثة."

ألتفت الجماعة في آن إلى السيارة ولا حظوا أنها ترتج بالفعل، وكأن الشياطين تأزها أزا. لكن بليط بنطيط اعترض على كلام الخوميني بالقول إنه رغم أنه لايعرف خونة إلا أنه يتصور أنه أخذ ذوقه الموسيقي (أبياظ وذنيه) من أبيه و الذي لا يستمع إلا إلى "رددات فاغ العليين".

"ما أبعد هذا من ذاك. ياليت أن الامر كما تقول--أصل أشكم. إن أبناء الحليب المصنع لا يشبهون الآباء و لا الأمهات في شيئ إن آذانه الموسيقية غربية موغلة في الإغراب،" تكلم مسغارو منبها. 

5

أصبح إرتجاج السيارة الذي إزداد في تلك اللحظات الشغل الشاغل لجماعة المنظرين. قال تمرادي، وهو أصغر الجماعة سنا، وأكثرها جرأة و"أطولها" لسانا، إنه متأكد من مايجري. "إن خونة يلقن الآن سيدات درسا لأنه سمع ما يقول في غيابه بخصوص أبيه، أمير السلامة ولد حمود شقيقن. إن فيطمات التي تشاجرت حديثا مع سيدات قد تكون وشت به. فسيدات طالما أفتى الجماعة بأن ما يصل أيديهم عبر خونة هو مما أستلف أبوه من بيت المال دون نية القضاء، وأن الحرام لا يتعدى ذمتين. ولذا فلا حرج فيه. فليلعن الله فيطمات، فهي لاتتورع عن شيئ! 

الله يلعن فيطمات!

الله يلعن فيطمات!

الله يلعن فيطمات!

تردد صدى تلك العبارة في كل أطراف الجماعة. إنها ستكون خسارة كبيرة للجماعة أن تخسر علاقتها بخونة، وسيدات هو المفتاح.
ربما يتوجب عليهم أن يساعدوا سيدات ويخرجوه من الورطة. 

كانت فكرة قد تخمرت في عقل بليط بنطيط الذي أنتبذ جانبا لكي يسترخي في الريح. يتوجب على الجماعة أن تسير إلى السيارة وأن تنقذ الموقف. عليهم أن يقسموا بالأيمان أن سيدات لم يقل أبدا أي شيئ عن أمير السلامة، وأن سيدات ليس من الحاقدين حتى يقول كلاما كهذا. إن فيطمات هي من يقول هذا الكلام وإن سبب شجارها مع سيدات هو في الأساس بسبب أن سيدات لم يقبل منها كلاما كهذا.

6

بدأ الجميع يتحرك صوب السيارة تاركين ورائهم حامد الذي كان يتمنى من كل قلبه أن يجهز كل منهما الآخر. مع إقتراب السيارة بدى للحظة كما لو أن سيدات وخونة رزقا بثالث. شبح رأس آخر يلوح بين المقعدين الأماميين. ثم فجأة فتح الباب و خرجت، مبعثرة الرأس، تتعثر كالمخمور تلبس تنورة قصيرة وكعبين عاليين. 

رجعت الجماعة قليلا فاتحة الطريق أمامها. تجاوزت الكل دون أن تفوه بكلمة ثم دلفت إلى المحل. كان العامل (وقاف البتيك) يقرأ عددا قديما من مجلة العربي من أيام ما قبل غزو العراق للكويت. رمته بمجموعة أوراق نقدية و قالت بصوت جاف جافٍ "متى كان أمثالك من صغار الباعة يقرأون؟ ألا تعست الثقافة!" 

سقطت مجلة العربي على كأس شاي بجنبه فأهراق على الأرض. تمالك نفسه، رماها بكومة الأوراق النقدية وقال لها إننا قد أغلقنا ولم يعد الوقت وقت بيع فأبحثي عن غيرنا هدانا الله وإياك. لعنته، رمته بحقيبتها اليدوية، ثم بنعلها اليسرى ثم بالأخرى، ثم إنهارت تبكي. 
دخل حامد من الباب الآخر وهو ينقد نصفين من الضحك. "كان من الواجب أن تعطي للنصرانية السجائر، أيها المتخلف." ثم ناولها حامد علبة من مالبورو. 

بسرعة البرق إندفع صاحب البوتيك أمسكها برجليها وجرها خلف الباب، وأغلق الباب مسرعا بعد أن قذفها بحقيبتها اليدوية. 

خلف الباب كان الضجيج قد على. 

و الله إنها ليست نصرانية

و الله إنها نصرانية

و الله إنها أبنة كبيد ولد لبليد وزير التهذيب السابق و ليس بها من النصرانية إلا أخلاقها السمجة.

خرج سدات مسرعا، وفرق أصحابه الذين تجمهروا حولها، ثم حملها بين يديه برفق يلاطفها بالكلمات إلى داخل السيارة. أراد أولا أن يضعها في المعقد الأمامي لكن خونة صاح به ضعها في الخلف، فإنها منتنة.

رجع سيدات وتبادل كلمات قليلة مع حامد، ثم بليط بنطيط وآخران من الجماعة. تفرقت الجماعة كأنها جنود تنفذ أوامر قائد في معمعان حرب. كل فيلق سار في إتجاه معين.

7

بلطف دق باب المحل.

صاح صاحب المحل، لقد استعذنا بالله منكم ومن أعمالكم، ياخبثاء، يا ذرية فرعون وقارون، لن أفتح لكم ولا حاجة لي بفلوسكم. إن ذنوبكم هي ما يفسد البلاد و العباد، لا تتورعون عن عمل و لاتعفون عن فعل. تمارسون الكبائر وتاتون في ناديكم المنكر، و تجاهرون أمام عباد الله بالمعاصي، تشربون الخمر و الدخان، وتتطاولون على الإنس و الجان. كل هذا بسب رئيسكم و دولتكم. عجل الله زوالها، حتى أراكم تمشون على الرصيف حفاة، عراة، ديقي السيقان، متكلسي البطون، منبوذين مقصيين. قبحكم الله وقبح أمثالكم. إن أمثالكم من يحبس القطر و يحرق الزرع، ويخرب البلاد العامرة. أيرضاه أحدكم لأخته، أيرضاه أحدكم لأهله، من اقترب منكم ثانية من الباب فسأفتح رأسه برصاصة.

ضحك سيداتي بصوت عال و قال يا أبوه أهذه المحاضرة جزء من عملية الإحماء قبل أن تجلد الليلة و تخلد إلى النوم.؟

إنه ذا أنا سيدات وقد أتيت بما يأتي به أمثالـي. أمسح عن عينيك النعاس، و أطرد من قلبك الهموم، فقد أتيت بما لم آتك به من قبل من عمل سام و مطابعه. 

أسرع أبوه إلباب معتذرا 

لم أكن أعرف أنه أنت كنت أظنه جنودك الحمقى ولكن على ذكر ما ذكرت قديما قالوا فليس من الإنصاف و العدل
...

قاطعه سيدات ألم أقل لك ألف مرة أنني لا أفقه أشعاركم يا جماعة أهل الجنوب، ترجم أو أسكت

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"تحليل التراث الإسلامي"

هذا الذي جعل الألباب حائرة و صير العالم النحرير زنديقا