الإرهاب و الغباء في دنيا المسلمين


هل بين ظهراني المسلمين ارهابيون؟ نعم! هل بين ظهراني المسلمين أغبياء، أجل، وهل أوصلنا إلى ما نحن فيه إلا هؤلاء.
هل بين ظهراني المسلمين منافقون. بالطبع، لا يوجد في كتب السير ما يشير إلى أن ابن سلول كان عقيما، مع أن ولده عبد الله كان رجلا صالحا! بالطبع عندنا منافقون، وإلا لما كان كل ظالم يجد جمعا من المبررين و المطبلين ممن طبلوا لغيره. 

هل نحن أمة إستثناء؟ لا لسنا. أنت بشر ممن خلق. لنا مالنا و علينا ما علينا. لنا أمور خير تميزنا وأمور من غيره تخصنا. ونتقاطع مع الآخرين في أمور كثيرة. 

هل فيها عملاء؟ آه يا الله، وهل ثمة من برع في صنع العملاء إلا نحن. إننا نصنع من التكبر، و تمجيد الأمجاد، و ضغينة ذوي القربى و التنافس في فتات الحياة، و البحث عن رجولة رجل عاره مستور، وريشه منشور، يكلم كل جمع بما يحلوا لهم، ويمجد كل قوم وإمامهم.

لكن دعوني الآن أعود وأعرف الإرهاب 

الإرهاب: هو تعمد ترويع الناس، عبر التهديد بالقتل أو إيقاعه أو إلحاق ضرر يوازيه لفرض وجهة نظر سياسية أو لتحقيق مأرب إقتصادي ذو بعد سياسي. لا فرق بين أن يمارس الإرهاب رجل واحد، أو مجموعة أو دولة ولا فرق في أن يمارس تحت عنوان اصلاح الدين، أو الرجوع إليه، أو التخلص منه. 

لا يؤتي الإرهاب نتيجة دون كلام ولذلك قلة من الإرهابيين يكون فلعها أكثر من كلامها. نسمي هؤلاء بالقتلة وهي حالة نفسية يشعر المصاب فيها بأن سفك الدماء لعبة مسلية. في الأعم تكون نشريات و نشرات، و إعلانات، و تبريرات و كتب الإرهابيين أكثر من عملياتهم الإرهابية. لأن الإكراه الفيزيائي لكل شخص عمل مستحيل، وجب زرع الرعب عن بعد. وإرعاب الناس يخلق المتعاطفين لأن في البشر عبدة القوة و الصلف. هؤلاء لايحترمون إلا ذوي الهراوات الغليظة.

أخطر الإرهاب هو ما تمارسه الدول، سواء بإسمها أو تحت يافطات أخرى. وأخطره ما كان تحت يافطات أخرى، لأنها ترمي به الأبرياء عادة، فتبرر بذلك النوع الثاني من الإرهاب.

لا يوجد إرهابي يسمي إرهابه إرهابا إلا في القليل النادر. الدول أكثر قدرة-- بسبب تنظيمها وأجهزتها المختلفة و إحتكارها لحمل السلاح-- على ممارسة الإرهاب دون وازع من خلق أو خلق. و إرهاب الدول له خاصية أخرى هو أنه دوما يسير جنبا إلى جنب مع عملة غسيل مخ ناعم يهدف إلى جعل سياسيات الدولة و ظلمها أمرا مقبولا بل مطلوبا من الناس. أكثر من تغسل أدمغتهم بهذه الطريق هم من العوام، لكن أهم من يدخل تحت هذه المظلة هم المثقفون الجبناء. وهم من يدافع عن هذه السياسات ويحاول تمويهها و تشويه الأقلام الشجاعة التي تقف في وجهها.

طيب هنا نصل إلى نقطة مهمة. من هم الإرهابيون المسلمون و كيف نعرفهم؟

الإرهابيون المسلمون ثلاثة أصناف:

- الأنظمة الفاسدة

-المتشددون المتدينون

- المتشددون العلمانيون

* كل هذه الطوائف تحب الصراعات وتأججها.

* الأنظمة لا تحتاج إلى تعريف خصوصا في دنيا العرب. يكون الحاكم فيها هدية من السماء. رجل يعجز عن وصفه الواصفون، ولا يحيط بعلمه الدارسون، ولا يفهم مقدار شجاعته إلا النابغون النابهون. رغم أنه لا يفعل شيئا ذا قيمة، فإنه لا يخلوا الإعلام من إنجازاته و ذكر أفضاله على الناس، و على الوطن. من حبه للوطن، صار الوطن بأكمله. وبما أنه لا أحد كامل الوطنية بدرجة التماهي مع الوطن فإن كل مواطن لا يحبه، فهو خائن للوطن، و يجب أن يرحل إلى العالم الآخر أو إلى غياهب السجن إن كان قد حصل على ذكر بين عامة الناس.

* المتشددون المتدينون. ليسوا كلهم إرهابيين. لكن ثمة نوعان من بينهم. 
١- النوع الأول هم قوم متوسطو او عديمو التعليم سائهم ما حاق بالأمة من الهوان و الظلم فرأوا أنه لا يفل الحديد إلا الحديد ولا يوقف القتل إلا القتل. لم يعرفوا كيفية الخروج للجهاد ولا أحكامه. سئموا رجولة رجال المسلمين اليوم التي أصبحت تقاس ببريق الشعر، و التكسر في الكلام و التبختر في المشي، و التزين كربات الحجال، كرهوا رجالا الواحد منهم، يروح ويغدو داهنا يتكحل، إذا هب نسيم جرحه وإن سقط المطر أسقطه. منهم من خرج إلى مواطن لا شك في سلامة الجهاد فيها ثم تقطعت بهم السبل فيها أو فيما دونها. فصار رجلا، مطاردا، لايملك إلا سلاحا في اليد، وحنقا في القلب، وتضحية بالنفس، وضبابية في العقل،

وكيف ينام الليل من جل ماله حسام كلون الملح أبيض صارم.

وحولته حاله هذه أداة لكل مغير و غاز، وكل صاحب ضغينة ورجل مخابرات، وكل متألم من زواج شغار سياسي أعطى فيه ولم يعط.

لسان حال أحدهم يقول

ألم ترني غذيت أخا حروب إذا لم أجن كنت مجن جاني 

هؤلاء إرهابيون عندما يستخدمون وقطاع طرق عندما يسرقون لكي يعيشوا وتائهون في غير ذلك. خطر هؤلاء على الأمة يتمثل في من يوظفهم. خطرهم في حالهم وليس في أشخاصهم. لا تزال تسكن في قلوبهم محبة للمسلمين و غيرة على دين الله، مع صلف وجفاء، وخشونة وإستسهال للدماء.

٢- النوع الثاني هو من المتعلمين الذين خلطوا ثقافة شرعية متواضعة، وصولات وجولات في عالم السجون أو المجون، وفيها إرتبطوا بالمخابرات، و بقطاع الطرق، تعلموا أن ثمة ثلاث طرق للمجرمين. إثنتان تقودان للمجد وواحدة تقود إلى السجن. سبقهم الساسة إلى واحدة وأغلقوها. وطريق جربوه قادهم للسجن أو لسوفل الأمور فملوه. فهاهم وهم كبار في السن اليوم، عرفوا أن لا قيمة لأعمال الصغار عندما تدفع بك الأقدار إلى مراعي الثلاين حيث تقلب لك الأمور أي مقلب. فإما أن تتحدى فنائك بيولوجيا، أو فكريا، أو بركوب رقاب الناس. سبق وأن وضحنا أن أصباحنا لا يمكن أن يشاركوا في الثانية لقلة الخبرة و لعدم الصبر. ولا هم يميلون إلى الأولى لأنها مملة، وتحتاج أيضا إلى الصبر. أصحابنا ليسوا أصحاب صبر. 

بقي إذن ركوب رقاب الناس، سبق السياسيون للناعم منه ولم يبق إذا إلا ركوب الأسنة.

مشكلة هؤلاء أنهم إما مستقل عدمي، أو تابع ملعوب به. المهم أن يظل الإسم و الرسم شغل الصحف و الأحاديث.

من يعول على الإرهابيين في تشكيل نواة أمة واهم. ومن لا يستخدمهم عندما يشكل نواتها، سيحارب بفيالق من غير العارفين بفن الحرب من الرسامين و الفنانين و الشعراء، و المتدينين الناعمين، الذين يحبون الجنة على طبق من "الأطاجين" أوأثناء حفلة أو أمسية ثقافية. 

* أخيرا المتشددون العلمانيون: هم أسوأ المتشدين وقت السلم وفي المراحل الحرجة من كل ثورة. أسوأ المتشددين لأنهم يظهرون بزي غير زيهم، وبطبع غير طبعهم، فيخدعون الناس و يدلسون عليهم. ضحاياهم في الأساس من الطبقة المثقفة ثقافة هجينة غلب فيها الحس المدرسي الفلسفي على الحس الإنساني الإسلامي. ميزة هؤلاء الأهم أنهم يفضحون فلا ينفضحون، ويظهر عوار كلامهم فلا يعتذرون. صريحون إن وقف فوقهم الحاكم بسيفه وجال عليهم بخيله و رجله، وأصحاب أحاجي وطلاسم، وفلسفة غموض إن غمّ عليهم في شأن نزول سوط السلطان، أهو لأنه يهوي به إلى ظهروهم أم يهوي معه لأنه يخر ساقطا. خبيرون بإمساك العصا من النصف. 

لكن من حسن الحظ أن هؤلاء جبناء فلا يحاربون، ومتلونون في الفكر فلا يكثرون، لا الأغبياء يرغبون فيهم و لا السلطان يحسب لهم حسابهم. إن رغب في دعمهم آشار لهم، فتراهم يختلفون بين بالع للكلام وممطط للشفاه، ومخنوق من كثرة الصياح. إن أنهك الحاكم أعدائه وأحتاج إلى قربان يسلخه أمام العوام، كانوا أكثر الشياه طاعة، وأسهلها سلخا! 
علمانية هؤلاء تقتصر على كرههم لأي فكر يخرج من مشكاة الإسلام لأنه الفكر الوحيد الذي يخالط شغاف القلوب المؤمنة، وينير عقول العامة. 

هذه الطوائف من الإرهابيين موزعة على مناحي الحياة، في الإعلام، وفي التعليم، وفي الثقافة، وفي الفن و الرياضة.

نختم بالكلام عن الأغبياء. هم جنود لكل هذه الفئات، وهو ضخام الأجسام، خفاف العقول، يكثرون وقت الصراخ وحين الصراع، ويقلون وقت التفكير و التنظير. عبادتهم تمجيد الأصنام، وسياستهم الهمجية، ومبتغاهم الإضطهاد. لا تقوم أمة إلا بالتحكم في أغبيائها، ولا تغرق أمة إلا بقيادتهم سفينتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"تحليل التراث الإسلامي"

هذا الذي جعل الألباب حائرة و صير العالم النحرير زنديقا