"ما رأيك في بيرام؟": جواب
بيرام مواطن موريتاني، يرأس جماعة تقول إنها تدافع عن حقوق المستعبدين و هو ما ينسجم مع القانون الموريتانين الذي يحرم الرق و يجرمه. في عمله-- على ما يبدو من التقارير الصحفية و ما يردني من أناس على الأرض أثق فيهم-- يخلط بيرام عملا صالحا وآخر سيئا. من أعماله الحسنة السعي في تخليص الأرقاء من قبضة من يسترقونهم، وإن بقدر كبير من البهرجة و الإستعراض، ومن أعماله السيئة كونه يحرم الكثيرين وخصوصا من الفقراء من العلاقات غير الإسترقاقية (توفير لوازم العيش مقابل أعمال منزلية، تعليم القرآن مقابل الخدمة، تبادل الخدمات: فلانة تسكن مع أهل أفلان في الدشرة لتدرس المدرسة بينها يسكن إبنهم مع أهلها البادية لكي يدرس القرآن...إلخ.) مع من يشتركون معهم في العصبة أو الموطن و يستفيدون منهم ويفيدونهم في إطار سعيهم لمواجهة مشاكل الحياة سويا. و أسوأ ما في الأمر أنه يعمد في أكثر الحالات ليس فقط إلى الخلط الفكري بين الأمرين و لكن إلى السعي بفكر العضلات إلى فرض ذلك. طبعا كغيره من أصحاب و صاحبات المنظمات غير الحكومية في بلداننا تتداخل عليهم غالبا خطوط المصالح الشخصية، ومصالح منظمات أجنبية مانحة و المصالح العامة للبلد. هذا لا يخص بيرام.
من أخطائه التي أضرت بحركته على ما أعتقد، على الأقل من وجهة نظر المثقفين الموريتانيين الذين كلمتهم، هو محرقة الكتب. فكتابة سلسلة مقالات تعالج و تنتقد ما ورد فيها ربما كان سيكون أكثر حصافة، وإن كان سيثير بكل تأكيد غضب الكثيرين عليه.
ومن أخطائه التي يشترك فيها مع كثيرين من نخب الطبقات الأخرى هو التفكر الذي لا يأخذ في عين الإعتبار الأبعاد التاريخية للظواهر و محاولة علاجها على ذلك الأساس، بل و عدم التفكير في المصالح الفردية و الجمعية للطبقة التي يمثلون بحيث تتحول أحيانا المسألة إلى مصعد للنشطاء، دون أن تقدم شيئا للشريحة، غير مستويات متفاوتة من استعداء الجيران، و الأصحاب و الأقارب و شركاء الوطن.
لكن يجب أن لا نغفل أن ثمة خلطا متعمدا أحيانا بين من يعارضون أفكاره و بعض ممارساته ومن يعارضونه من منطلق خوفهم من أن تظهر شخصية من شريحة معينة في موقع ريادي، وهي عنصرية يمكن أن تغلف أو تبرر بإسم اللغة أو الدين أو غيره، تماما كما يناصره البعض في كل شيئ لا لشيئ سوى أنه من شريحة معينة، و تبرر ذلك بالشرع، و القوانين و القيم و غير ذلك.
المهم. أنا أحبذ الفكر العملي و الفكر الصريح لذا أقول: من لديه مشكلة مع بيرام لكن ليس من حيث انتمائه لشريحة الحراطين وتخلص من ذلك النوع من العقد الجاهلية، فعليه أن يساهم أولا من الناحية العملية في الرفع من مستوى الوعي في البلد من موقعه، وفي مستوى الخدمات التي توفر للطوائف المهمشة، وأن يساهم في التركيز على نقد المسائل التي تظهر منه بشكل عملي، وبدون غلو بدل لعنه و لعن ما يفعل.
ترشحه للرآسة مسألة يكفلها له القانون. إن لم يعجبك، فلا توصت له. مسألة غاية في البساطة.
ما ذا لو نجح؟
إسأل الله له التوفيق و عارضه كما تعارض غيره
تعليقات
إرسال تعليق